السبت، سبتمبر 26، 2009

الخطوة الأخيرة




إشهدي أيتّها الأشجار، أنّي
لن أرى ثانية تحت الظلال
ها أنا أمضي فلا تبكي لحزني
لا يعذّبك اكتآبي وابتهالي
خطواتي،  في الدجى لا تحسبيها
إنها آخر ما أخطو هنا
إنها رجع أغان لن تعيها
سوف تذوي مثلما أذوي أنا
خطواتي، أيّ رجع محزن
آه لو أسمع الصوت الكئيبا
ليتني أفقد حسّي، ليتني
لم أشاهد ذلك الحلم الغريبا
أيّ حلم ذابل فوق الرمال
صغت فيه كل موسيقى حياتي
كلّ أحلام شبابي وخيالي
كلّ ما في خافقي من نغمات
ها أنا أرحل، يا أشجار، عنك
تحت عبء من شرودي وخشوعي
ليتني أجرؤ أن ألقي عليك
نظرة ثانية، دون دموع
لن تحسّي، في غد، وقع خطايا
فأنا، يا أخوتي، لن أعودا
كلّ أحلامي وأضغاث رؤايا
عدن يأسا صارخا، عدن شرودا
سوف ألقي العود في الظلّ وأمضي
أيّ معنى، بعد، للعود الرقيق؟
سوف أحيا، يا سمائي، فوق أرضي
سوف أطوي النور في قلبي العميق
ووداعا، أنت يا حلم شبابي
أأنت يا من صغته خمس سنين
ها أنا أدفن، في الأرض، رغابي
وأواري أملي المرّ الحزين
الممرّات الجميلات ستبكي
فوق ذكراي ولكن لن أعودا
حسب روحي، أيّتها الأشجار، منك
أنّ ذكرى رغباتي، لن تبيدا
وأنا ؟لا تجزعي، حسبك مني
إنّ ذكراك بقلبي سوف تحيا
كل جذر منك في أعماق فنّي
سوف يبقى شاعريا أبديّا
آه يا أشجار، لا، لا تذكريني
فأنا تمثال يأس بشريّ
ليس عندي غير آثار حنيني
وبقايا من شقائي الأبديّ
كنت يوما خافقا، بين الغيوم،
أسكب الأحلام في عمق حياتي
تصعد اآىلآمال بي فوق النجوم
ويصوغ الشعر أحلى رغباتي
أيّها العود,وداعا من حياتي
هبط الليل وقد حان رحيلي
إمح ما قد كان، إمسح نغماتي
إنس أنغام شقائي وذهولي
لن تعي، في الغد، أنغام أسايا
وترانيم سروري وشقائي
فانسني، ها قد نأى رجع خطايا
ها أنا أغرق، في قلب المساء

أحزان الشباب




يا هموم الشباب فيم تكونين أحرّ الهموم والأحزان ؟
أنت يا من يصوغك القدر الظالم ليلا على الوجود الفاني
فيم لا تعصرين إلا صبانا
حسبنا يا أحزان ما ذقناه
سوف يطوي شبابنا الزمن المسرع والحلم ينطفي ويضيع
فاتركينا رحماك ننعم به الان لننسى ما في غد سيكون
قبل أن تخمد الأماني ويفنى
في الدياجي شبابنا المغبون
أينما أتجه فثمّة أحزان أراها ووحشة ووجوم
كلّ شيء أراه يملأني حزنا ويأسا من مبهجات الحياة
ومعاني الفناء ألمحها حولي في كل ما تراه عيوني
في دوّي الرياح في نغم الطير وفي ظلمة المساء الحزين
ورأيت القبور تحت يد الريح وصوت الأمطار والأنواء
وإذا غنّت الحمامة في الوكر تبرّمت بالنشيد المثير
وإذا أقبل المساء ولفّ الكون بالصمت والدجى والهموم
وحملت العود الكئيب إلى الوادي أغنّي شعري لضوء النجوم
كم شعوب غنّت له فمحاها
وهو ما يزال في ربيع صباه
نحن تحت الليل العميق ضيوف
وقريبا تدوسنا قدماه
أين أمضي يا ربّ أم كيف أنجو
من قيود الفناء والأيّام ؟
ضاق بي العالم الفسيح فيا للهول أين المفرّ من آلامي ؟
ويبيع الحياة بالمتع الحمقاء والإثم والأذى والغرور
ويرى اللهو في الحياة أمانيه ويدعو الخيال والشعر حمقا
ولأعش في ظلال وحدتي الخرساء أبكي ولا مصيخ إلّيا
لا فؤاد ابثه المي المرّ
ولا خافق يحن علّيا
وعبرت الحياة كالشبح الضليل في غيهب الوجود الفاني
يا ظلال الشباب فابقى إذا شئت معي أو فاسرعي بالرحيل
سوف أبني إذا رحلت شبابا
لفؤادي أعيش تحت سمائه
من رحيق الخيال والشعر والأنغام أسقي الزهور في أرجائه
فليضع عمري الحزين كما شاء فعندي من الشعور حياة
فإذا أدبر الشباب وآويت لظلّ المشيب والأسقام
ثم ماذا ؟ من قال إنّي سأبقى
في الوجود الحزين يا آمالي
كيف أدري أنّي سألبث فيه
ربما متّ في صباي الحالي
قبل أن أسمع الحياة أناشيد ي ويصغي سمع الوجود إليّا
ربّما .. لست أعلم الآن شيئا
فلأعش في انتظار ما سيكون
ولتجىء بعدها المنايا كما ترجو فما في الوجود ما يغريني
لست ألقى فيه حياة أغنّيها فيا بؤس عمري المغبون
أو لم أرض عزلتي في ظلال الشعر والعود والخيال الطهور
فإذا ما أتممت لحني كما أهوى فماذا أريده من حياتي ؟
سوف ألقى الموت المحّبب روحا
شاعريا يحبّ صمت التراب
وفؤادا يرى الممات شبابا
للمنى والشعور أيّ شباب
وعزائي أنّي تركت ورائي
لحني السرمديّ ملء الوجود
لست وحدي التي تموت وما زالت شبابا لم تسقه الأنداء
أذبلت عمرهم يد القدر الجاني وكانوا نشيد هذي الحياة
يسكبون الشباب والحبّ والأحلام لحنا مرقرق النغمات
وإذا عاصف المنايا المدوّي
يتعالى على لحون الغناء
يا يد الموت فيم كان نصيب الشاعر الفذّ منك هذا التجنّي ؟
ألكي تكتبي الخلود لذكراه على الأرض وهو غضّ يافع ؟
أم لكي تنقذيه من شجن العزلة والفكر والأسى والمدامع ؟
فتضّمين للدجى والمنايا
كلّ شاد في الأرض أو عبقريّ
أم ترى سنّة الوجود ترى ما
ليس يدري الأحياء أو يدركونا
وسواء على المقادير موت الشاعر الفذّ في الصبا أو حياته
فهو جسم على الثرى بشريّ
ضيّعته أحلامه وشكاته
وإذا عاش ما يشاء فما للموت في عمره الطويل يدان
نبئيني أهكذا الأمر يا أقدار أم ضللت في أفكاري
ليس تعنيه هذه الزهرة الحلوة ما دام في يديه سواها
وهو يجني منهنّ ما هو دان
منه ما دمن في الشّذى أشباها
أكذا تتركين حكمك للصدفة ؟ يا للشقاء والتنكيد
كلّ حيّ منا إذن ليس يدري
ما سيلقى في يومه من شقاء
فهو يحيا على شفا الألم الرائع منذ الشروق حتى المغيب
كلّ يوم يقول : حان رحيلي
يا لهذا العمر الشقيّ الكئيب
حين ينجو الحيّ الشقيّ من الخوف ويفنى في داجيات الفناء
تاركا هذه الحياة وما فيها من الزيف والأسى والظلام
لست وحدي التي تموت وما زالت شبابا لم تسقه الأنداء
تعست هذه الحياة فكم قدمات في ميعة الصبا شعراء
أذبلت عمرهم يد القدر الجاني وكانوا نشيد هذي الحياة
يسكبون الشباب والحبّ والأحلام لحنا مرقرق النغمات
ويضيعون عمرهم وصباهم ليصوغوا الحياة لحن صفاء
وإذا عاصف المنايا المدوّي
يتعالى على لحون الغناء
يا يد الموت فيم كان نصيب الشاعر الفذّ منك هذا التجنّي ؟
فيم لا تطفئين إلا مناه ؟
وهو في ميعة الشباب الأغنّ ؟
ألكي تكتبي الخلود لذكراه على الأرض وهو غضّ يافع ؟
أم لكي تنقذيه من شجن العزلة والفكر والأسى والمدامع ؟
أم ترى تبخلين بالنغم العذب على العالم الأثيم الشقيّ
فتضّمين للدجى والمنايا
كلّ شاد في الأرض أو عبقريّ
أم ترى سنّة الوجود ترى ما
ليس يدري الأحياء أو يدركونا
فهي تسري كما تشاء المقادير وتصمي شبابنا المطعونا
وسواء على المقادير موت الشاعر الفذّ في الصبا أو حياته
فهو جسم على الثرى بشريّ
ضيّعته أحلامه وشكاته
فإذا مات في صباه فما اختارته كفّ المنون للأكفان
وإذا عاش ما يشاء فما للموت في عمره الطويل يدان
نبئيني أهكذا الأمر يا أقدار أم ضللت في أفكاري
أترانا كالزهر يقطفه الفلاّح في الفجر شاردا غير دار ؟
ليس تعنيه هذه الزهرة الحلوة ما دام في يديه سواها
وهو يجني منهنّ ما هو دان
منه ما دمن في الشّذى أشباها
أكذا يا أقدار ؟ ما أخيب المسعى إذن في ظلام هذا الوجود
أكذا تتركين حكمك للصدفة ؟ يا للشقاء والتنكيد
كلّ حيّ منا إذن ليس يدري
ما سيلقى في يومه من شقاء
ربما كانت المنّية في أوّل ساع النهار أو في المساء
فهو يحيا على شفا الألم الرائع منذ الشروق حتى المغيب
كلّ يوم يقول : حان رحيلي
يا لهذا العمر الشقيّ الكئيب
أفليس الممات في ميعة العمر إذن نعمة على الأحياء
حين ينجو الحيّ الشقيّ من الخوف ويفنى في داجيات الفناء
تاركا هذه الحياة وما فيها من الزيف والأسى والظلام
بين كفّ الرياح والقدر العاتي ونوح الشيوخ والأيتام

الباحثة عن الغد



"غدا نلتقي" نبأ في الزمان
روته الحياه
تلاشى ولم تروه شفتان
تلاشى وناه
فأين"غدا نلتقي" يا حياة
أعادت ترابا ؟
"غدا نلتقي" ثم مات الزمان
وضاع المكان
وكان لنا موعد فانطوى
صداه ومات
وكم كوكب في الدياجي هوى
وعاد رفات
فأسفر آخرها عن قدر
وذاب الرنين
وكنّا نمرّ فتلانو الحياة
وتومي إلينا
ويطردنا الأمس من كلّ ما
ملكناه يوما
سوى حاضر مغرق في الدما
ويقطر سمّا
صدى لفظتين يجوس الفضاء
"غدا نلتقي"
ويأتي غد في أسى وشرود
بصمت طويل
"غدا نلتقي" ويسود السكون
سكون الخريف
وأسمع تحت المساء الحنون
صراخا عنيف
ترددها شفة حاقده
وراء العصور
"غدا نلتقي" وتمطّ النغم
وتسخر مني
ويأتي غد في أسى وشرود
بصمت طويل
بألف صدى ساخر
في برود وراء النخيل
"غدا نلتقي" ويسود السكون
سكون الخريف
وأسمع تحت المساء الحنون
صراخا عنيف
وقهقهة, فظة , بارده
لجوّ القبور
ترددها شفة حاقده
وراء العصور
"غدا نلتقي" وتمطّ النغم
وتسخر مني
ويبقى غدي في الظلم
يفتّش عني

أغنية الهاوية




مججتُ الزوايا التي تلتوي
وراءَ النفوسْ
وراءَ بريقِ العُيُونْ
وأبغضتُ حتى السُّكونْ
وتلكَ المعاني التي تنطوي
عليها الكؤوسْ
معاني الصَّدَى والجُنونْ
معاني الخطايا التي تُبرقُ
بريقَ النجومْ
وفي لمسها اللهبُ المُحرقُ
ولونُ الهمومْ
كرهتُ الجفونَ التي تأسرُ
وخلفَ سماء ابتساماتها
لهيب الحقود
كرهتُ الأكفَّ التي تعصرُ
وخلفَ حرارة رَعْشاتها
جمودٌ كذُلِّ الحياهْ
على جُثةٍ تحت بعض اللحودْ
تعيثُ بها دودةٌ في برودْ
كرهتُ ارتعاشَ الشفاهْ
برَجعِ الصلاهْ
ففي كلِّ لفظٍ خطيئهْ
تجيشُ بها رَغباتٌ دنيئهْ
وعفتُ طُموحي وبحثي الطويلْ
عن الخيرِ, والحبِّ, والمُثلِ العاليهْ
وحقّرتُ سعيي إلى عالمٍ مستحيلْ
فخلفَ انخداعيَ تنتظرُ الهاويهْ
وعفتُ جنوني القديمَ وعفتُ الجديدْ
وأودعتهُ في مكانٍ بعيدْ
دفنتُ به رَغَباتِ البشرْ
وسمّيتهُ جنة الواهمين
ستمضي السنينْ
لماذا أُحسُّ الأسى والضَّجَرْ,
وكفُّ المطَرْ
تلفُّ على عنقي المختنقْ
حبالَ الفِكرْ?
وأينَ أسيرُ وقلبي النزقْ
هنالكَ ما زالَ, لا يبرُدُ
ولا يحترقْ
كقلبِ أبي الهولِ. أين الغدُ?
أُحسُّ حياتي تذوبْ
قفي لحظةً واحدهْ
ولا تَسحبي يَدكِ الباردهْ
فأغنيةُ الهاويهْ
تُهِيبُ بأقداميَ الشاردهْ
وتَلوي الدروبْ
قفي لحظةً يا حبالَ الحياهْ
ولا تتركيني هنا
معلقةً بالفراغِ الرهيبْ
فأمسي القريبْ
تلاشى على آخرِ المنحنى
وظلُّ غدي
تَلثَّمَ, أُوّاهُ لو أهتدي
قفي لحظةً واحدهْ
ولا تَسحبي يَدَكِ الباردهْ
فأغنيةُ الهاويهْ
تردّدها الأنفسُ الجانيهْ
تكرّرُها في جُنونْ
على سمعيَ المُجهَدِ
تكرّرُها لم يَعُدْ لي سكونْ
أكادُ أسيرُ إلى الهاويهْ
مع السائرينْ
وأدفِنُ آخرَ أحلاميهْ
وأنسى غدي