السبت، يونيو 25، 2011

ذكرياتٌ ممحوة.. ( نازك الملائكة )




وجهك أخفاه ضباب السنين
و ضمه الماضي إلى صدره
ألقى عليه من شبابي الحزين
أحزان قلب تاه في ذعر

وصوتك الخافي خبا لحنه
وأوحشت سمعي اصداؤه
فلست ادري الآن ما لونه
ما رجعه الصافي و ايحاؤه

ولون عينيك و اســــرارها
و شعرك الداجي، و أمواجه
غابت جميعا،اين تتذكارها
في ليل قلب طال ادلاجه؟

كم، في سكون الليل، تحت الظلام
رجعت للماضي و أيامه
أبحث عن حبي بين الركام
فلم تصدني غير آلامه

لم بيق شئ غير حزني المرير
بقية عن حبي الذاهب
وذكريات من صباي الغرير
ساخرة من وجهي الشاحب

وأصبحت ذكراك وهما يلوح
يشتاقه قلبي الكئيب الغرير
يا جسدا كالقبر، ما فيه روح
سميته قلبا فيا للغرور!

وأي قلب جامد بارد
أي حياة تحت ظل الخمود
لولا صراخ الزمان الحاقد
لضقت بالعيش و عفت الوجود

لم يعد الحب اسى محرقا
يشعل أيامي بأحزانـــه
و لم يعد جفني مغروقا
يحرقه الدمع بنيرانه

لم يبق الا ثورة و احتقار
ملء حياتي المرة الحالمة
النار ذابت و تبقى الشرار
تشربه أحلامي الواهمة

و طيفك الخالي هوى نجمه
و غاب في الماضي الرهيب الأبيد
ووجهك القاسي ذوى رسمه
في مقلي فهو خيال بعيد

مضى زمان كنت فيه التي
تفتنها أنغامك الصافية
وروح أشعارك في وحدتي
وحيي الالهي و أشعاريه

مضى و أبقى لي فؤادا يرى
فيك جمادا من تراب و طين
أسكنته يوما أعالي الذرى
وأرجعته للحضيض السنين

لم يبقى منك الآن شيء جميل
غير اسمك العذب وأصدائه
ذكرى لقلب كان يوما نبيل
فبات في حمأة أهوائه

ملامح الهيكل عندي امحت
ألوجه ، و البسمة، و المقلتان
لم يبق الا اسم، وروح خوت
وذكريات قد محاها الزمان

مددت كفي إلى جوها
باحثة عن سحرها السابق
فلم أجده ثم سوى شلوها
يسخر من مدمعي الدافق

و عاد قلبي للأسى و العذاب
مستوحشا حتى من الذكريات
من يرجع الماضي اذا ما الضباب
القى دجاه فوق ليل الحياة؟

و ما محاه الزمن القادر
أي يد تكتبه من جديد؟
فيما اذن يلتفت الشاعر
إلى دجى الماضي الرهيب الأبيد؟

هناك تعليق واحد:

  1. اختيار موفق ورائع.. انني من محبي شعر نازك الملائكة رحمها الله، فهو شعر وجداني صادق.

    ردحذف

آمل توقيع الحضور.. لإثراء صفاحتي بمرورك.